القائمة الرئيسية

الصفحات

نجم ذمار حسن الكوماني: دينامو وقناص في محافل الكبار


ذمار نت ــ فؤاد الجنيد


شاب صغير، في وجهه ملامح طفل، وفي قدميه قوة رجل، أظهر في وقت قصير ما عجز عن القيام به العشرات من نجوم كرة القدم اليمنيين رغم إستقرار الأجواء وملائمة الظروف، وتمكن من لفت الانتباه إليه وهو في سن صغيرة وفي وقت قصير، بفضل المهارات الفنية التي يتمتع بها، رغم بنيته الضعيفة نسبيا، ومع ذلك عرف كيف يرسم لوحات من الإبداع اللامحدود داخل المستطيل الأخضر، وأدخل السعادة والفرح إلى قلوب ملايين اليمنيين الذين جثمت على صدورهم الحرب، وتشققت بهم تجاعيد العدوان البغيض الذي سرق البسمة من شفاه الآمنيين دون تعليل أو تبرير.

إنه إبن ذمار ولاعب منتخبنا الوطني للناشئين، حسن محمد الكوماني ذو الـ 15 عاماً، طالب في الصف التاسع الأساسي، حجز مقعده في مدرسة أبي بكر الصديق وسط مدينة ذمار، وحظي برعاية لا متناهية من إدارة المدرسة لتنمية موهبته الكروية، واستطاع أن يرد الجميل لمدرسته مرارا بحصد كؤوس البطولات المدرسية لمدرسته ومعه نخبة من زملائه في الفريق الكروي المتناغم والمتجانس.

الكوماني قصة نجاح ولدت من رحم قسوة الظروف، وكم من المرات وقفت في وجهه تضاريس الصعوبات ومناخات الإحباط في ظل هذا العدوان الذي وأد الآمال واغتال الأحلام، لكنه رغم جثومه الطويل والمتواصل على يمن الأرض والإنسان، تناسى إصرار اليمنيين وعزيمتهم، وأنه طالما اقتنع المرء بقدراته ولديه الإصرار الكافي، فذلك كفيل بإيصاله إلى كل ما يريد، ولمَ لا، وجل تجارب العظماء الذين حققوا أموراً بدت صعبة للغاية في جميع المجالات وعلى رأسها كرة القدم، أثبتت في نهاية المطاف أن لا مستحيل مطلقا، وأن البطل الحقيقي هو من يخرج من رحم المعاناة.

لكننا دائماً ما تعودنا أن يكون كل اهتمامنا وتركيزنا على اللقطة الأخيرة فقط، وهي لقطة النجاح والشهرة والنجومية، وكأن هذا البطل ولد ووجد الأمور ممهدة ومفتوحة للوصول إلى الحلم، ولا أحد منا يفكر جدياً في كم المعاناة والصعاب التي واجهها وتغلب عليها كي يصل لهذا المكان في القمة، خصوصا وأن النجاح لا يتحقق إلا للمجتهد الذي ضحى كثيراً من أجل تحقيق هدفه.

اليوم بات حسن الكوماني نجما ساطعا يشار إليه بالبنان، عندما يلمس الكرة تشعر وكأنه يعزف لحنا موسيقيا ممتعا ومتكاملا لا ترغب في نهايته إطلاقاً، وعلى الرغم من أن حب الجماهير يتجه دائماً للاعب الهداف، إلا أن الكوماني استطاع أن يخطف الأنظار كدينامو وسط يصنع فنون اللعبة، وهدافا ماهرا يعشق القنص وانصاف الفرص، ويجسد حكاية الإبداع اليماني الخالص الذي يولد نجاحا من رحم المعاناة، ويشع نورا من قبو الحصار وظلمة الموت والدمار، وسط الحروب وأصوات الطائرات والصواريخ والقذائف طوال الوقت.

ووسط كل هذه الظروف الصعبة لم يكن هناك سوى كرة القدم هي التي تخفف وتهون على هذا الفتى الصغير ، حيث ظل حريصاً على ممارستها باستمرار نظراً لحبه الكبير لها, ومع الوقت كان له عطاء المجتهد الذي حافظ دائماً على أمله وشغفه، وانتصر لحلمه وطموحه، وها هو اليوم يعزف باقدامه سيمفونية الإنجاز اليماني في محافل العالم؛ ممثلا لكل اليمنيين الذين خصوه بمتابعة ذات شجون، ويكفيهم سماع نشيدهم الوطني صادحا قبل المباراة، وصرخات الظفر بنقاط الرهان بعد كل مباراة، ولا يعتريهم الشك أو الريب في أن القادم أجمل لناشئي اليمن الصغار الذين احرجوا بمهاراتهم الباب الكبار.